کد مطلب:195897 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:247

من کلماته الخالدة فی الطب
إن للامام أبی عبدالله جعفر بن محمد الصادق علیه السلام من الكلمات الطبیة الخالدة والآراء القیمة الحكیمة مالونظر بها وعمل علیها لصلحت أن تكون أسساً ثابتة عامة تقوم علیها دعائم الطب وأركان حفظ الصحة فی كل عصر ومصر ولكل جیل من الأجیال، فلعمری أنها الكلم القصار التی قصرت عن فهم كنه مرامیها نطس الاطباء وفحول العلماء اللهم إلا بعد مرور العصور وتعاقب الاحوال



[ صفحه 70]



وتقدم العقل البشری وكثرة التجارب العلمیة والعملیة الواسعة.

وإلیك فیما یلی بعض ماعثرنا علیه من تلكم الكلم الطیب نقدمها كشاهد عدل علی مانقول:

قال الإمام علیه السلام: كان الطبیب یسمی المعالج، فقال موسی بن عمران علیه السلام: یارب ممن الداء؟ قال: منی، فقال موسی: وممن الدواء قال: منی، قال موسی: فما یصنع الناس بالمعالج؟ قال تعالی: یطیب بذلك أنفسهم، فسمی المعالج لذلك طبیباً [1] .

وقال ((ع)) إجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء [2] .

أقول: الغرض من ذلك هو إرجاع إصلاح البدن إلی الطبیعة البدنیة دون أن تعارضها الادویة التی ربما أحدثت مضاعفات أخری غیر المرض.

وقال «ع»: من ظهرت صحته علی سقمه فعالج نفسه بشیء فمات فأنا إلی الله منه بریء. وفی لفظ، فقد أعان علی نفسه [3] .

أقول: قد ورد هذا المعنی فی غیر واحد من أحادیث أهل البیت، والمراد سحق الأدواء بالطبیعة مهما تمكنت منه وعدم تعدیل المزاج بالعلاج. قال الإمام الرضا «ع» إن معالجة البدن كتعمیر الدار وإصلاحه فان قلیله یفضی إلی كثیره وبعبارة أخری ان المرض هو تخلف عن القوانین الطبیعیة والدواء مما یظهر هذا التخلف والانحراف وهذان الانحرافان إذا إجتمعا علی البدن أبعداه عن الصحة السریعة.

وقال «ع»: غسل الاناء وكسح الفناء مجلبة للرزق [4] .



[ صفحه 71]



أقول: الظاهر من هذا الحدیث هو الامر بالنظافة والحث علی الاهتمام بها فانها من أركان الصحة والراحة وهما من النعم والرزق الذی تجلبه هذه النظافة إذ لیس الرزق هو تحصیل المال فقط كما نتصوره، والكسح هو الكنس والفناء ساحة الدار.

وقال علیه السلام: اقلل من شرب الماء فانه یمد كل داء [5] .

أقول: من المسلم طباً أن إكثار شرب الماء لا سیما علی الغذاء وبعضهم یقول حتی فی اثناء الأكل مما یبطی الهضم فی المعدة بمعنی أنه یضعف عمل إفرازات الغدد المعدیة الهاضمة، فاذا إختل الهضم أختل التغذی وإذا إختل التغذی لم یستفد البدن منه فیضعف ویصبح مستعداً لقبول أی عارض من عوارض المرض، وهذا هو مراد الإمام «ع» بقوله: یمد كل داء.

وقال «ع»: ینبغی للشیخ الكبیر أن لاینام إلا وجوفه ممتلیء من الطعام فانه أهدأ لنومه واطیب لنكهته [6] .

اقول: من المشهور أن تقلیل الطعام لیلاً عند النوم من صالح المعدة ومما یهدیء الأعصاب ویریح النائم أما الشیخ الكبیر فانه لما كان لا یمكنه أن یأكل كثیراً بل لایستطیع إلا المایعات والخفیف من الاغذیة كان هذا القلیل المایع یهضم عنده بمدة قلیلة لذلك فهو یحتاج إلی أن یأكل هذا القلیل بمدد متقاربة متعددة وعلیه فاذا أكل الشیخ القلیل ثم هضم فی أثناء النوم وخلت معدته ظهر علیه الضعف فلا یستقر فی نومته ولأجل ذلك كان علیه أن لاینام إلا وهو ممتلیء الجوف لیهدأ نومه وتطیب نكهته.

وقال «ع» لعنوان البصری: إیاك وأن تأكل مالا تشتهیه، فانه یورث الحماقة والبله، ولاتأكل إلاعند الجوع. وإذا أكلت فكل حلالاً وسم بالله واذكر حدیث رسول الله (ص): ما ملأ آدمی وعاء شراً من بطنه، فاذا كان ولا بد فثلث



[ صفحه 72]



لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه [7] .

أقول: الاشتهاء هو الجوع أی طلب البدن للطعام عن حاجة، او هو الرغبة والمیل إلی الأكل، والمراد من قوله «ع» مالا تشتهیه أی مالا تمیل إلیه ولاترغب به فان ماأكل خلاف الرغبة أورث فی البدن عكس المطلوب ومنها النفرة والانقلاب والمزاج كما ینفر من الدواء البشع، وبذلك یختل نظام البدن فلا یحصل من الغذاء ذلك الوقود اللازم وهنا تضعف الاعصاب وتضطرب وقد یسری هذا الضعف العصبی إلی الدماغ بالمداومة لأنه المنشأ للاعصاب فیحصل الخطر فیه وهو المشار إلیه بقوله «ع» یورث الحماقة والبله، وقد قال بعض الحكماء: ما أكلته وأنت تشتهیه فقد أكلته وما أكلته وأنت لا تشتهیه فقد أكلك أی أمرضك وأسقمك.

أما قوله «ع»: فكل حلالاً وسم بالله، فذلك لأن وسائل الصحة وسلامة الأبدان لو تأملتها تجدها غیر منحصرة فی المادیات فقط بل أن للمعنویات والروحیات الید الطولی فی ذلك وأهمها الاطمینان النفسی والسكون القلبی اللذان بهما تستقر النفوس وترتاح القلوب، ولما كان الغذاء الحلال مما یرضی النفس والروح ویملاً القلب إطمیناناً وسكوناً كان للقمة الحلال والتسمیة التی تنهض العقیدة والایمان أهمیة كبری فی نشاط البدن وإرتیاحه بخلاف الحرام الذی یضطرب منه القلب ویفلق الروح، لذلك عالج الامام «ع» أو بالأحری حفظ الصحة بهذه الوصیة الروحیة وإنهاض العقیدة الساكنة.

أما قول النبی (ص): ما ملأ آدمی وعاء شراً إلخ. فانه أمر واضح لا یحتاج إلی شرح وهو كقوله (ص) المعدة بیت الداء والحمیة رأس كل دواء لانها إذا ملئت ثقل عملها وإذا ثقل العمل تصاعدت الابخرة والغازات إلی الأعلی أی إلی الدماغ فوقف الفكر، لذلك یمنع الاطباء المطالعة بعد الطعام بلا فاصلة ثم یعتری الدماغ الفتور والمیل إلی النوم والدعة كما قد یحدث لممتلیء المعدة عند النوم رؤیا مخیفة



[ صفحه 73]



مزعجة وموحشة وقد تحصل له خیالات فاسدة وأفكار مشوشة، وهذا هو ما أراده الامام «ع» بقوله الحمق والبلاهة أیضاً لذلك فقد أمر النبی (ص) أن تقسم المعدة إلی ثلاثة أقسام ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للتنفس، وعلی هذا قال بعض الأطباء إن ما تأكله لا تستفید إلاّ من ثلثه أما الثلثان فهما من فائدة الطبیب المعالج لك بعد هذه الأكلة فتأمل وفكر.

وقال «ع»: كل داء من التخمة إلا الحمی، فانها ترد وروداً [8] .

أقول: لقد ثبت طباً أن الحمیات مطلقاً لاتنشاً إلا عن جراثیم خاصة ومیكروبات مرضیة معینة قد إكتشفها العلم الحدیث خلافاً لما كان یعتقده القدماء من أنها لا تحدث إلا عن فساد الأخلاط الأربعة. ولكن علماء العصرین متفقان علی أن إمتلاء المعدة والتخمة من أهم ما تحدث الأدواء المختلفة والاسقام المتعددة لأن المعدة بودقة وقود البدن ومبعث الغذاء الذی به یكون قوام الجسم والروح فاذا فسدت المعدة بالتخمة ضعفاً وأصبحا قابلین لكل عارض ممرض یعتریهما روحیا كان أو بدنیا، ولذلك قال الامام «ع»: كل داء من التخمة بخلاف الحمی التی ترد وروداً أی تعرض علی البدن من الخارج لأن الجراثیم تدخل البدن من الهواء ومن الماء ومن كلما یرد إلی البدن من حاملات المیكروب.

وقال «ع»: إن عامة هذه الارواح (جمع ریح) من المرة الغالبة أو الدم المحترق أو البلغم الغالب، فلیشغل الرجل بمراعاة نفسه، قبل أن یغلب علیه شیء من هذه الطبائع فیهلكه [9] .

أقول: إن بدن الانسان مركب من جامد ونصف جامد ومایع، فالجامد كالعظام ونصف الجامد كالغضاریف والمایعات كالأخلاط الاربعة وهی الدم والصفراء والبلغم والسوداء فالدم فی العروق والصفراء فی الكبد والمرارة والبلغم



[ صفحه 74]



فی العروق اللمفاویة والسوداء وهی الذرات الجامدة المختلطة مع الدم والمحترقة تماماً ومحلها الطحال وهذا علی رأی بقراط الذی یسند كل الامراض إلی فساد الاخلاط ومنها تتولد الأرواح المؤلمة ولكن الطب الحدیث یقول إن الغذاء إذا إحترق أوجد حرارة فی البدن وإذا نقص إحتراقه حدثت فیه رسوبات قد تنتشر فی الاعضاء فتتولد منها أمراض مختلفة، وهذا هو عین قول القتدماء مع تغییر فی المصطلحات والألفاظ ولأجل لفاظ ولأجل هذا أوصی الامام علیه السلام بان یراعی الرجل نفسه فلا یسرف فی الأكل ولا یخلط الأغذیة ولا یستعمل المواد المحترقة الحادة والحریفة أو أی شیء یفسد الاخلاط فینقص الاحتراق ویحدث مالا تحمد عقباه بتغلب أحد تلك الاخلاط الفاسدة التی إصطلح علیها هنا (بالطبائع) فیتولد من ذلك ما یهلك أو ینهك وما إلی ذلك.

وقال «ع»: إن المشی للمریض نكس [10] .

أقول: وفی هذا الحدیث حث وتأكید علی الراحة المطلوبة لكل مریض لاسیما الناقه وعلی هذا جری جل أطباء هذا العصر بل كلهم.

وقال «ع»: لو إقتصد الناس فی المطعم لاستقامت أبدانهم [11] .

أقول: المراد من الاقتصاد هنا هو الاعتدال فی الأكل وعدم الاسراف فیه لا تقلیل الأكل إلی حد یقل عن الواجب للتغذیة نعم إن الشره والتنوع فی الطعام یجمع المتناقضات والتضادات فی أكلة واحدة أوكثرة الأكل إلی حد التخمة التی هی أم الامراض بل باب الموت المحتم فان كل ذلك خلاف الاقتصاد لیس للبدن معها إستقامة أو سلامة.

وقال علیه السلام: النوم راحة الجسد والنطق راحة الروح والسكوت راحة العقل [12] .



[ صفحه 75]



أقول: بدیهی أنه إذا لم یكن نوم تستریح وتستجم به الأعضاء قواها لم یمكنها أداء وظائفها كما یرام فیضعف البدن وتسقط قواه ولكن النوم یریحه والروح التی ترید إبداء مافی النفس من مآب وما فی القلب من خاطرات وما فی الفكر من نتائج فلابد لها من نطق تستریح به فی إبداء كلما ترید وتطلب، أما السكوت فهو إجمام العقل وراحته لینظر إلی عواقب الامور ویرمق الحوادث عن كثب فیقیس ویستنتج ویحكم باعتدال.

وقال «ع»: لیس فیما أصلح البدن إسراف، إنما الإسراف فیما أتلف المال وأضر البدن [13] .

وقال «ع»: الدواء اربعة: الحجامة والطلاء والقی والحقنة [14] .

أقول: یعتقد القدماء من الأطباء أن أكثر الأمراض تحصل من فساد الأخلاط وبعبارة أخری إذا كثفت المایعات داخل البدن، ویقولون أیضاً أن جمیع مایعات البدن تتولد من الدم، فاذا كان الدم صافیاً نقیا سلیماً كانت المایعات سالمة فیكون البدن صحیحاً وإلا فیمرض، إذن فیجب أن یصفی الدم إذا كثف لكیلا تكون كثافته سبباً لعروض الجراثیم المرضیة علیها فتتولد الامراض

وقد إتخذوا لتصفیة الدم وسائل مختلفة من جملتها الحجامة التی هی الیوم مورد الخلاف لدی أطباء هذا العصر إذ یعتبر الدم مادة الحیاة ولیس من الصحیح للمریض المنهك القوی أن ینقص من دمه الذی هو القوة والحیاة، ونقول أن هذه الملحوظة مقبولة معقولة فی جمیع الأمراض التی یصاحبها فقر الدم أو التی تنشاء عن فقر الدم، اما فی غیر هذه الأمراض ولدی الأشخاص كثیری الدم أو كثیفی الدم أو ما أشبههم فان الحجامة لهم من أفید العلاجات وهكذا إذا ملئت المعدة بالطعام الزائد أو المواد الكثیفة فان أحسن علاج لها هو القیء لإخراجه من الفم أو الحقنة لإخراجه من



[ صفحه 76]



الاسفل أما إذا كانت أوجاع البدن تحت الجلد من غازات منتشرة أو مواد فاسدة فانه یعالج بالطلاء الموضعی من أدهان وأمثالها لأن تأثیرها أقرب وأسرع لذلك

قال «ع» الدواء أربعة كما فصلناه.

وقال «ع»: لاتدخل الحمام إلا وفی جوفك شیء یطفیء عنك وهج المعدة وهو أقوی للبدن، ولا تدخل وأنت ممتلیء من الطعام [15] .

أقول: یقال أن حرارة الجوف تشتد إذا حمی البدن فی الحمام وعند ذلك تهیج المعدة فان كانت خالیة ضعفت لخلوها كما أن ذلك یضر بها إذ كانت ممتلئة كثیراُ لذلك فقد أمر الإمام «ع» أن یكون مافی المعدة معتدلاً لیقوی البدن.

وقال علیه السلام: الاستلقاء بعد الشبع یسمن البدن ویمریء الطعام ویسل الداء [16] .

أقول: ذلك لأن الأعضاء إذا إستراحت وهدأت بعد الطعام عملت بوظیفتها علی مایرام فهضم الطعام كاملاً واستخرج منه الغذاء الجید الوافی والدم الصالح ثم وزع علی البدن وبالمداومة یسمن البدن ویقوی وإذا قوی كافح الداء واستله من البدن.

قال ((ع)) وقیل عن الرضا«ع» لاتقربوا النساء من أول اللیل صیفاً أوشتاء، وذلك لأن المعدة والعروق تكون ممتلیة، وهو غیر محمود إذ یتولد منه القولنج والفالج واللقوة والنقرس والحصاة أو تقطیر البول أو الفتق أو ضعف البصر فان أردت ذلك فلیكن فی آخر اللیل فانه أصح للبدن وأرخی للولد وأذكی للعقل فی الولد. ولا تجامع إمرأة حتی تلاعبها وتكثر مداعبتها وتغمز ثدیها، فانك إذا فعلت ذلك غلبت شهوتها واجتمع ماؤها لأن ماءها یخرج من ثدیها والشهوة تظهر فی وجهها وعینیها، ثم اشتهت منك مثل الذی تشتهیه منها، ولا تجامع إمرأة إلا وهی طاهرة



[ صفحه 77]



فاذا فعلت ذلك فلا تقم قائما ولا تجلس جالساً ولكن تمیل علی یمینك، ثم إنهض للبول إذا فرغت من ساعتك فانك تأمن من الحصاة، ثم إغتسل [17] .

أقول: إن تهیأة المرأة بهذه الطریقة التی أرشدنا إلیها الامام «ع» لهی التی تحفظ حیاة الطرفین لا سیما نفس المرأة. وإن عدم رعایة هذا الإرشاد أو أن یفعل كما یفعل البعض من المنع بواسطة أوبغیر واسطة لمما یحدث بعض العوارض المنهكة كالحریق والحكة فی المجری، ذلك لأن المنی إذا خرج من محله ثم منع من الوصول إلی محله الآخر من المرأة بقی منها مواد وأجزاء متخلفة فی المجری فیتكون منها الحصاة، مضافاً إلی أن شهوة المرأة لا تطفی تماماً بهذا العمل غیر الطبیعی إذ لم تكتمل المقاربة فیحدث من ذلك الهستریا بأنواعها.

وقال «ع»: إن للدم وهیجانه ثلاث علامات: البثرة فی الجسد والحكة فی الجلد ودبیب الدواب (وما یتخیله الانسان كدبیب النمل فی بدنه) [18] .

وقال «ع»: الحمی تخرج فی ثلاث: فی العرق، والبطن، والقیء.

أقول الحمی هی إفراط الحرارة الغریزیة والصحة إعتدالها والضعف قلتها والموت إنعدامها. وهذه الحرارة هی الخادمة الطبیعیة للبدن وهی التی توجد فیه النشاط والقوة والحركة، لاكنها اذا صادفت مواد سامة او اجزاء معدنیة فجة منتشرة فی البدن أو جامدة فی زاویة من زوایاه (سدة) فإنها تشتد وتفرط لغرض اذابة تلك المواد ودفعها اصلاحا للبدن فتكون علی هذا الحمی، وعلیه فلا بد من إعانة هذه الخادمة علی عملها الاصلاحی بما أمر به «ع» وأرشدنا إلیه وذلك بالتعریق أو إسهال البطن أوالقیء فان كلاً من هذه الثلاثة تعین علی تلك السمومات.

وقال «ع»: خیر ما تداویتم به الحجامة والطلی والحمام والحقنة.



[ صفحه 78]



أقول: قد مر تفصیل ذلك فلا حاجة للتكرار.

وقال علیه السلام: إغسلوا أیدیكم قبل الطعام وبعده فانه ینفی الفقر ویزید فی العمر.

أقول: بهذا أمر الامام الصادق «ع» أصحابه وتابعیه، وحثهم علی العمل به مشوقاً إیاهم بقوله: إنه ینفی الفقر ویزید فی العمر، وأنت جد خبیر بأن نفی الفقر وأطالة العمر هما من نتاج الصحة الحاصلة من غسل الیدین قبل الطعام وبعده. وقد أثبت الطب وحكمت التجارب العلمیة والعملیة الكثیرة أن عدم غسلها مماتوجب الامراض المختلفة التی قد ینتهی بعضها بالموت أو الفقر المحتم، فان الید الملوثة بجراثیم الامراض بواسطة لمس الاجسام الخارجیة إذا مالمسنا بها الطعام ولم نغسلها ثم أكلناه ملوثاً إنتقل المیكروب إلی الفم ومنه إلی المعدة ومنها إلی الكبد والقلب ثم سار فی انحاء البدن. ومن البدیهی أن المیكروب یفتك این ما وجد مجالاً للفتك أو محلاً مستعداً لقبول نموه وتفریخه وبالأخیر الفتك به والاضرار بجمیع البدن، فاذا مرض الانسان بواسطة هذا المیكروب المنتقل ألی البدن بواسطة الید الملوثة فانه سوف یخسر ماله بالمداواة وعمره باستفحال ذلك المرض، أما إذا إلتزم بغسل الیدین ولم یجعل مجالاً لدخول المیكروبات إلی جسمه إكتسب الصحة ولم یخسر ماله فینفی عنه الفقر ولا عمره إذ تطول حیاته وهذا هو المقصود من قول الإمام «ع» أنه ینفی الفقر ویزید فی العمر.

وإنی إنما شرحت هذه الكلمات ولو علی وجه الاجمال لأبین لك أن الإمام علیه السلام كان یجمل فی القول ویشیر فی أكثر كلمه القیمة إلی أفید الخواص وأنفع ما یمكن أن یدركه السامع، وكأنه كان یلاحظ علی الدوام حال المستمع وقابلیة السامع وینظر إلی القول المشهور: كلم الناس علی قدر عقولهم ـ حرصاً علی الفائدة وطلباً للنفع العام، علی أن كلامه كان بعید المرمی عظیم المغزی یدركه كل عقل علی حسب تقدمه وتدرجه. لذلك تری فی هذا العصر قد إكتمل العقل، أخذ



[ صفحه 79]



یدرك منه ما لم تكن تدركه تلك العقول الماضیة، وهذا وأیم الله هو الكلام الملهم والعلم السماوی الذی علمهم إیاه جدهم النبی الامین صلی الله علیه وآله عن جبرائیل عن الله جل جلاله.

وماأبلغ قول القائل:



وتابع أناساً قولهـم وحدیثهم

روی جدنا عن جبرئیل عن الباری




[1] البحار 14.

[2] الفصول المهمة.

[3] الفصول المهمة.

[4] كتاب الاثني عشرية.

[5] كشف الأخطار.

[6] كشف الأخطار.

[7] البحار ج 1 وفي الكني والالقاب للقمي في ترجمة البصري.

[8] رواه البرقي في المحاسن.

[9] البحار ج 14ـ 546.

[10] الكافي.

[11] الفصول المهمة.

[12] مجالس الصدوق.

[13] الفصول المهمة.

[14] نفس المصدر.

[15] الفصول المهمة.

[16] بحار الأنوار.

[17] البحار وغيره.

[18] أيضاً البحار ج 14.